نشرة تعريفية بكتاب
عون المعبود شرح سنن أبي داود
لمحمد شمس
الحق العظيم آبادي
(المتوفى : 1329هـ)
ترجمة
صاحب السنن؛ أبي داود السجستاني
اسمه وكنيته
الإمام الحافظ الناقد البارع الفقيه سليمان بن الأشعث بن
إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عمران الأزدي السجستاني، أبو داود رحمه الله([1]).
نسبته :السجستاني بكسر السين المهملة والجيم وسكون السين الثانية
وفتح التاء المثناة فوقها وبعد الألف نون وهذه النسبة إلى سجستان الإقليم المشهور
وقيل بل نسبته إلى سجستان أو سجستانة من قرى البصرة.([2])
مولده : قال أبو عبيد الآخري:"سمعت أبا داود يقول ولدت سنة
اثنتين ومئتين"([3])
وعلى هذا أجمعت المصادر التب ترجمت له وهو الذب نقله عنه
تلاميذه وصرح به
عقيدته: قال الذهبي :" كان على مذهب السلف في اتباع السنة،
والتسليم لها، وترك الخوض في مضائق الكلام"([4])
رحلاته في طلب العلم
" قال تقي الدين الندوي في كتابه: " الإمام أبي
داود ومكانة كتابه السنن:"لاتعرف أحواله الإبتدائية إلا قليلا، ولكنه لما نشأ
وترعرع كانت دائرة علم الحديث واسعة، لذلك ذهب يطوف إلى مراكز العلم في الدنيا عدة
سنوات، واتسعت رحلته فعمت بلاد خرسان، ومصر والحجاز"([5]).
شيوخه رحمه الله تعالى
وقد بلغ عدد شيوخه رحمه الله تعالى حسبما ذكره الخافظ بن
حجر رحمه الله تعالى في "تهذيب التهذيب" ثلاثمائة شيخ"([6]).
منهم الإمام أحمد وأحمد بن صالح المصري، وسحاق بن راحوية،
وسليمان بن حرب الأزدي، وعبد الله بن سلمة القعنبي، وابن أبي شيبة، وابن المديني
وقطيبة بن سعد ومحمد بن صباح الدولابي، ومسدد بت سرهد الأسدي ويحي بن معين رحمهم
الله تعالى
تلاميذه رحمه الله تعالى
منهم أحمد بن سليمان البغدادي وأحمد بن شعيب النسائي
واسماعيل الصغار وزكريا السابي وأبو بكر بن أبي داوود واللؤلؤي وابن داسة محمد بن
عيسى الترمذي رحمهم الله.
ثناء العلماء عليه رحمه الله تعالى
قال الإمام النووي:" اتفق العلماء على الثناء على أبي
داود وصفه بالحفظ التام، والعلم الوافر والاتقان والورع والدين والفهم الثابت في
الحديث وغيره"([7]).
قال أبو بكر الصنعاني:"لين لأبي داود الحديث كما لين
لداود عليه السلام الحديد".
تصانيفه رحمه الله تعالى،المطبوع:
1.
كتاب السنن، طبع عدة طبعات
2.
مسائل أبي داود للإمام أحمد
3.
رسالة أبي داود لأهل مكة في وصف سننه
4.
الرواة من الأخوة والأخوات
وفاته رحمه الله تعالى: توفي رحمه الله تعالى سنة خمس وسبعين
ومائتين في شهر شوال لأربع عشر بقيت منه بالبصرة ليلة الجمعة.
ترجمة الشيخ محمد شمس الحق، صاحب كتاب
"عون المعبود على سنن أبي داود"
هو
العلامة المحقق المحدث الكبير أبو الطيب محمد شمس الحق بن أمير علي بن مقصود علي
الصديقي العظيم آبادي.
ولد
سنة: 1273-1319هـ من كبار محدثي الهند الذين قادوا حركة السنة والسلفية، وأحد
نوابغ العصر ممن سشار إليه بالبنان. تلقى العلوم على أساتذة عصره في بطدته وفي
لكناؤ ومراد آباد ودلهي. رحل إلى دهلي ولازم السيد نذير حسين المحدث الدهلوي، ثم
رجع إلى موطنه سنة 1302هـ .ثم قصد إليه مرة ثانية ولاومه ثلاث سنوات. قرأعليه
الكتب الستة والموطأ والدارمي والدارقطني وتفسير الجلالين بكل روية وتدبر، كما
استفاد من الشيخ حسين بن محسن الأنصاري وأسند عنه. ورجع إلى موطنه ديانوان، وعكف
عن الدرس والإفادة والتأليف، وقد وهبه الله مبكة راسخة في علوم الكتاب والسنة،
وكان مشغوفا بجميع الكتب النادرة والقيمة في علوم السنة ونحوها بعد التعليق عليه.
وأنفق فيها مالا كثيرا، له منة عظيمة على أهل العلم وخاصة على طلبة الحديث
شيوخه:السيد نذير حسين المحدث
الدهلوي، حسين بن محسن الأنصاري، لطف العلي البهارين نور أحمد الديانوي، فضل الله
اللكنوي، بشير الدين القنوجي، عبد اللطيف الصديقي.
تلاميذه:له العديد من التلاميذ
المنتشرين في القارة الهندية، من أبرزهم الشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري صاحب
تحفة الأحوذي.
آثاره:كانت جهوده مرتكزة في خدمة السنة النبوية
فمعظم مؤلفاته في السنة منها:
1.
غاية المقصود في حل سنن أبي داود
2.
عون المعبود على سنن أبي داود
3.
التعليق المغني على سنن الدارقطني
4.
غنية الألمعي بحث عن عدة مسائل في
الحديث
5.
النجم الوهاج في شرح مقدمة صحيح مسلم بن
حجاج
وفاته:ابتلي رحمه الله في آخر حياته بالطاعون، وتوفي في 19 ربيع
الأول سنة 1329هـــ([8])
منهج الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي
في كتابه : "عون المعبود شرح سنن أبي داود"
اسم الكتاب: "عون المعبود شرح سنن أبي داود"
توطئة: يعتبر الكتاب: "السنن" للإمام أبي داود رحمه الله
(275هــــ) من الأمهات السته. وكثير من العلماء جعل منزلته بعد الصحيحين، وقد جمع
فيه مصنفه جملة كبيرة من أحاديث الأحكام التي عليها مدار الاستدلال، فهو بذلك أصل
في بابه لا يستغني عنه فقيه لمعرفة أدلة المسائل.
ولقي كتاب "السنن" إهتماما
بالغا من علماء الأمة، فاعتنوا بروايته وشرحه وتهذيبه وتقج رجاله إلى غير ذلك من
الخدمات المتنوعة، وقد كثر اعتناء المتأخرين بشرح الكتاب والتعلق عليه، خاصة ما
كان من جهود علماء الهند في ذلك.
وأشهر
هذه الشروح كتابنا هذا "عون المعبود" الذي اختصره المؤلف من شرحه الكبير
"غاية المقصود في شرح سنن أبي داود"، فقد خشي المؤلف أن لا يتم هذا
الشرح الأخير، لطوله وسعته فعجل بإخراج هذه الخاشية كما يسميها.
وقد لقي
هذا الشرح رواجا كبيرا بين أهل العلم، لما تميز به من حسن التأليف وجودته فلا تكاد
بجد طالب العلم إلا وعنده هذا الكتاب.
طبعات الكتاب:
للكتاب عدة طبعات من أشهرها:
-
الطبعة الهندية حيث طبع الكتاب للمرة
الأولى في الهند، وهي المعروفة بالتسخة الهندية، في أربعة مجلدات ضخام كان طبع
الأول منها عام 1318هــ ، وانتهى من طبع المجلد الرابع و الأخير عام 1323هــ أي في
حياة المؤلف. والجدير بالذكر أن هذه النسخة مطبوعة طاعة حجرية، غير أنها نسخة
صحيحة متقنة، بل أن نصخة السنن المدرجة ضمنها
هي من أحسن النسخ المطبوعة.
وقد صورت هذه الطبعة دار
الكتاب العربي-بيروت، وعن هذه المصورة اشتهر الكتاب في الوقت الراهن.
-
ثم صدر الكتاب بتحقيق: عبد الرحمن محمد
عثمان. عن المكتبة السلفية سنة 1388هـ، في 14 مجلدا.
-
ثم دار الكتب العلمية –دون محقق- سنة
1410هـ ، في 7 مجلدات مع مجلدين للفهارس.
-
ثم صدر في مجلد واحد خرج أحاديثه: رائد
بن صبري بن أبي علفة عن بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع.
-
ثم طبع جديدا بتحقيق مشهور حسن، في 7
مجادات، حيث اعتمد فيها على الطبعة الهندية ، وصدر الكتاب ببعض الرسائل المتعلقة
بالسنن ، وأضاف أحكام الشيخ الألباني على الأحاديث ، نشرته دار المعارف بالرياض.
لكن مع الأسف الخط الذي طبع به هذا الكتاب صغير جدا وإضافة إلى سوء التغليف كما هو
معروف من هذه المطبعة. ورغم ذلك كان الكتاب من ناحية التعليقات و تخريج الاحاديث و
الفوائد غاية في الروعة.
منهج الشرح:
ويمكن أن نبين منهج الشارح
في كتابه بأنه:
1.
هو شرح كامل على الكتاب فهناك شروح
للكتاب ولكنها لم تكتمل كشرح العيني، والسبكي.
2.
وشرحه وسط يفيد طالب العلم، ولا يضجره
بطوله.
3.
يبدأ بنقل عبارة من الحديث هم يتكلم
عليها.
4.
مع تميز المهمل
5.
تسمية المنسوب من الأسماء
6.
وإن احتاج اللفظ إلى ضبط ضبطه
7.
اعتنى ببيان اختلاف روايات متن السنن
وإثبات الفروق بينها
8.
وهو كذلك يشرح الكلمات الغريبة، ويتكلم
على فقه الحديث
9.
اعتناء بتخريج أحاديث الكتاب اعتمادا
على كلام المنذري في مختصره لسنن. وذلك أنه قال في التنبيه الأول: "أكثرت
النقل من كلام الحافظ المنذري حتى قلت تحت كل حديث (قال المنذري كذا وكذا)، لأن
المنذري قد اختصر كتاب "السنن" من رواية اللؤلؤ فأحسن في اختصاره.
10.
ويعنى بتصويبات ابن القيم وتعليله
للأحاديث.
11.
وينقل عن فتح الباري وغيره من الشروح.
تميز كتاب الشرح من غيره من الشروح بما يلي:
1.
يظهر في الكتاب اتباع المؤلف للنصوص
وهذه ميزة مهمة جعلت بعض الأحناف من الهنود يشنعون عليه، ولا عيب فيه إلا اتباعه
للسنة وهذا ليس بعيب.
2.
كون الشارح صحيح المعتقد لا يؤول الصفات
بل هو مثبت لها، ومقرر للسنة.
3.
يرد أهل البدع كأهل القبور الذين
يعظمونها، بل نجد المؤلف يرد على البدع المعاصرة لوقته ردا طويلا كرده على
القاديانية عند شرح حديث نزول عيسى عليه السلام.
ثناء العلماء لهذا الكتاب:([9])
1.
قال حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي
السعدي اليمني:" فهذا شرح لم ينسج في هذا الزمان على منواله، ولم يحم أحد من
أهل هذا الوقت على شكله ومثاله"
2.
قال الشيخ عبد المنان الوزير
أبادي:" فإني لما طالعت عون المعبود شرح سنن أبي داود، ولاحت لي بدائع بيانه،
واستنارت شمس البراعة من تبيانه، ألفيت موضوعا قلما اتفق لأحد وتأتي، مؤلفا مطبوعا
لا ترى فيه عوجا ولا أمتا..."
مجالات الاستفادة في البحث التربوي:
فإن الاستفادة من كتاب عون
المعبود كثيرة جدا وبالتالي تفصيل ذلك:
1.
في مجال استنباط المعاني من النصوص
المتعلقة بمجال التربوي و معرفة التعريفات و معرفة درجة الحديث مع تخريجه : هناك العديد من الكتاب
والأبواب الذي نظمه أبو داود مما يتضمن
بمضامين التربوية يمكن للباحثين الاستفادة من خلال شرحه كا: كتاب الأدب، كتاب
الأطعمة، كتاب العلم، كتاب الحمام، كتاب اللباس وغير ذلك من الكتب فيها أحاديث
المتضمنة فيه أمور التربوية وقد تم شرحها على يد الشارح صاحب عون المعبود ونموذجا
لذلك قوله صلى الله عليه وسلم في كتاب الأدب باب في شكر المعروف: عنْ أَبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لاَيَشْكُرُ الله مَنْ لاَ يَشْكُرُ النّاسَ[من لا يشكر الله لا يشكر
الناس]". قال الشارح: "هو اسم
جامع لكل ما عرف منة طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس "لا يشكر
الله من لا يشكر الناس" قال الخطابي:هذا يتأول على وجهين أحدهما أن من كان من
طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله
تعالى وترك الشكر له. والوجه الاخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه
إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين
بالاخر". انتهى.
-
حيث عرف الشارح معنى كلمة
"المعروف" وجاء باستنباطه من الحديث.
-
وأخرج الحديث قال الشارح:
"قال المنذري: وأخرجه الترمذي وقال صحيح".
2.
وفي مجال الأحكام المتعلقة
بالتعليم وأدابه، مثال ذلك في كتاب الأداب باب في الجلوس بين الشمس والظل: عن
مُحَمّدِ بنِ المُنْكَدِرِ قالَ حدّثنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ
قالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُم في
الشّمْسِ - وقالَ مَخْلَدٌ في الْفَيْءِ - فَقَلَصَ عَنْهُ الظّلّ وَصَارَ[فصار]
بَعْضُهُ في الشّمْسِ وَبَعْضُهُ في الظّلّ فَلْيَقُمْ".
قال الشارح: "وقال مخلد في الفيء" أي مكان في
الشمس "فقلص" أي ارتفع "فليقم" أي فليتحول منه إلى مكان آخر
يكون كله ظلا أو شمساً لأن الإنسان إذا قعد ذلك المقعد فسد مزاجه لاختلاف حال
البدن من المؤثرين المتضادين كذا قيل. والأولى أن يعلل بما علله الشارع بأنه مجلس
الشيطان. قال المنذري: فيه رواية مجهول".
-وقال عن جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ قال: "دَخَلَ
رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ وَهُمْ حِلَقٌ فقَالَ: مَالِي
أَرَاكُم عِزِينَ".
قال الشارح: "فقال ما
لي أراكم عزين" بكسر العين والزاي أي متفرقين قال الخطابي: يريد فرقاً
مختلفين لا يجمعكم مجلس واحد. وواحدة العزين عزة، يقال عزة وعزون كما يقال ثبة
وثبون، ويقال أيضاً ثبات وهي الجماعات المتميزة بعضها من بعض". انتهى.
-
بين الشارح عن حكم الجلوس
بين الظل والشمس سببها أثناء الخطبة وفي الحديث بعده بيّن الشارح عن آداب الحلقة
في طلب العلم.
3.
وهناك عديد من المجالات
الاستفادة في مجال التربية كتحليل العلمي والنقد الحديثي في مواضع كثيرة من
هذا الكتاب.
4.
والشارح في هذا الكتاب قد
اعطى لمن أراد الاستفادة منها في مجالات التربوية أمور كثيرة من الشرح والبيان
للمصطلحات ذات العلاقة بمجال التربوية، وقد استدل بأقوال العلماء من أهل اللغة
وأهل الحديث والفقه وأصوله.